
الأخ مراد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرق المعرفة لا تنحصر بمشاهدة المعلوم ورؤيته، وإلاّ كيف لك أن تثبت وجود الله مع أنّك لم تره وتحسّ به بحواسّك الخمس؟!
وكذلك إيمانك بوجود البلدان ومدن العالم؛ فإنّك تؤمن مثلاً بوجود مدن، مثل: لندن، وباريس، وموسكو، مع أنّك - على فرض - لم ترَ هذه المدن، وليس لك سبيل إلى إنكارها أمام الناس بحجّة أنّك لم ترَها، أو تزرها وتشاهد أهلها، وتتكلّم معهم، وليس ذلك إلاّ لأنّ إيمانك بوجود هذه المدن إنّما حصل من طريق التواتر، الذي منشأه: كثرة النقل، وثبوت هذه الأُمور بما تسمعه وينقله الناس عنها، فتؤمن وأنت الجالس في بيتك، والبعيد عن هذه المدن بوجودها وحقيقتها.
فكذلك مسألة وجود الإمام المهدي(عليه السلام)؛ فبعد تواتر أمر ولادته عندنا وثبوت وجوده المبارك بين ظهرانينا، فنحن مسلّمون بذلك ومذعنون له، بحكم حجيّة العلم والقطع، التي لا يخالفها إلاّ من حكم بعدم وجود عقله، وأنّه لا حجّية للعلم عليه.
وأمّا مسألة مبايعة الإمام(عليه السلام)، فهي لا تقتضي مشاهدته والمصافقة على يديه(عليه السلام)، كما يتصوّر البعض، بل يكفي الاعتقاد بإمامته ووجوده، وعقد القلب على هذه العقيدة، ولا حاجة إلى تلك البيعة الصورية... وهذا المعنى في المعرفة بالإمام(عليه السلام) كافٍ في أن لا تموت ميتة جاهلية، طبقاً لقوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).
ودمتم في رعاية الله